الأحد، 5 أبريل 2009

(ضغط العمل .. إلى أين يسير بنا؟)



نفهم بأن يكون هناك أسباب خارجية ضاغطة تجسد ما نسمعه دائما من كلمة " ضغط العمل " نعم إنه أمر واقع وله أسبابه وحيثياته المقبولة وتفرضه علينا منظومة وسلسلة مترابطة من إملاءات العصر الذي نعيشه ، فهذا بديهي ومنطقي نعم .... ولكن ما يستغرب منه أن يستمرئ الإنسان ذلك وينساق وراءه دون وعي بمنتهى هذا الانسياق ، فإذا به أسيراً لهذه الكلمة مقيداً بها . فالأمر في حاجة إلى إعادة نظر حول المفهوم الصحيح لضغط العمل . كيف يستثمر ضغط العمل صالح صاحبه ؟كيف نستطيع أن نحول تياره في اتجاه يدعمنا ويرفع من شأننا؟ ما هو المسموح منه وما هو الممنوع؟ كيف يتعامل معه ؟ كيف يحده ويسيطر عليه؟هذه كلها أسئلة مهمة كل واحد فينا ، وما زالت تلقي بظلالها على بيئات أعمالنا المختلفة ، ونتطلع أن نجد لها جواباً شافياً بمشاركتكم

الهدف من العمل هو تحصيل السعادةوتحسين مستوى الحياة والاحساس بلذة الانتاج وتحقيق الذات.. فوق ان أداء العملعلى ما يرام، وبإتقان، هو هدف ورسالة وجزء من المسؤولية الاخلاقية والاجتماعية، وقدورد في الحديث الشريف: "ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه". وانطلاقاً من هذا الحديث العظيم فإن إتقان العمل أهم من أداء الكثير منالأعمال بدون إتقان، وبمعنى آخر فإن (الكيف) في آداء العمل أهم من (الكم) بكثير. ومن حيث تحقيق النجاح، ومن الناحية الإنسانية والوصول للسعادة المحنكة، فإنالعمل وقتاً أقل، ولكن بذكاء وتمييز، أهم بكثير من العمل المتواصل الشاق الخالي منالذكاء، والمسلوب من التمييز، والذي يجعل صاحبه - صاحب العمل الشاق الغبي - يكاديدور في حلقة مفرغة، ويذهب الى الهدف المنشود من أبعد الطرق وأكثرها وعورة، مع أنقليلاً من التفكير والتمييز يختصر عليه الطريق نحو الهدف المنشود، ويجعله يحقق فيوقت قصير ما لا يحققه صاحب العمل الشاق بغباء، في أوقات طويلة.. وفوق أن العملبذكاء وتمييز، ينجز الأمور بشكل أفضل، وأسرع، فإنه يجعل صاحبه يعشق عمله ويكونمولعاً به مستمتعاً بأدائه، ومع المزيد من التمرين والابتكار والاتقان يصبح مبدعاًفي عمله، يحقق في ساعة ما لا يحققه العامل بمشقة وغباء، في أيام أو شهور، ويمنحهالاحساس بالنجاح، والثقة في النفس، والقدرة الذاتية على الانجاز، والاجمل من هذاأنه يعطيه مساحات رائعة لتلوين لوحة السعادة بما يحب، فيكون أكثر لقاءً بزوجتهوأطفاله، وأقدر على الاستمتاع بوقت الفراغ، وأجدر بالطمأنينة وراحة البال.. لماذا؟!. لأن الذي يعمل بذكاء وتمييز يبدع أكثر، وينتج أكثر، ويتقن عملهأفضل من البليد الذي يصارع الأعمال طوال الوقت بغباء. فوق هذا فالعمل بذكاءيجعل صاحبه يربح أكثر، وينجح بشكل أسرع، فوق ما يوفره من وقت طيب يقضيه مع عائلته،ويستمتع فيه بهواياته الأخرى، ويعنى فيه بصحته وحياته الخاصة، وينعم - وقد أدى عملهعلى ما يرام وبإتقان، برضا الضمير وراحة البال، وما السعادة في الواقع إلا (رضاالضمير وراحة البال). @ @ @ ومع أن العاملين على مكاتبهم يبدونمتشابهين من الخارج، وللرائي، الا أنهم في الواقع مختلفون جداً، فواحد منهم قديساوي عشرة من زملائه في الانجاز والاتقان لأنه استخدم ذكاءه وأشعل تفكيره، بينمايعمل الآخرون ببلادة العادة، ودون تفكير أو تمييز، ويعملون كثيراً وهم يعملونكثيراً وهم لعملهم كارهون، وفي الانتاج حقيقي مقلون، سواء أكانوا يعملون في القطاعالعام او الخاص. بل إن العمل في القطاع الخاص بالذات، وخاصة حين يكونالإنسان هو رب العمل وصاحب المنشأة، هو أحوج ما يكون للذكاء والتمييز وتقديم الأهمعلى المهم والفطنة الى الطريق الصحيح، في الوقت الذي يتيه فيه الأغبياء بين الطرق،وقد يسلكون طرقاً خاطئة طويلة تأكل أوقاتهم وتقطع أنفاسهم ولا تصل بهم الى نتيجة. وقديماً قال الشاعر: "وللزنبور والبازي جميعاً لدى الطيرانأجنحة وخفق ولكن بين ما يصطاد باز وما يصطاده الزنبور فرق" كما أن المثل الشعبي لدينا يقول: (كثر التعب مازاد في رزقالخواطيف) والخواطيف نوع ضعيف من الطيور، واحدها خاطوف، وهي دائمة الطيران منقيامها من النوم إلى أن يحين موعد النوم الإجباري، والخاطوف من هؤلاء يطير ويدورويبحث عن رزقه بدون هدوء ولا راحة ومع ذلك لا ينال إلا النزر اليسير الذي لا يكاديسد رمقه، ولهذا فهو طائر نحيل ضئيل بائس تبدو عليه علامات المجاعة والإجهاد.. بينما نجد طائراً آخر، كالصقر مثلاً، لا يطير إلا قليلاً، وفي الوقتالمناسب، فله عينان لماحتان (بمثابة الذكاء لدى الإنسان) فإذا رأى فريسة تستحق حلّقعاليا وانقض عليها بسرعة وفاز بها فوراً، ليصيد في يوم ما لا يصيده الخاطوف في عام،مع الاختلاف الكبير في الصيد، فالصقر صيده ثمين: غزال سمين أو حبارى شهية أو علىالأقل أرنب شهي، أما الخاطوف فهو دؤوب في ملاحقة حشرات صغيرة لا تكاد تُرى، ولايصطاد منها إلا أقل القليل رغم طيرانه المتواصل الطويل، لأنه اختار من الصيد أصعبهوأصغره وأسرعه في الطيران والفرار والروغان..! @ @ @ إذن فإن العملبذكاء أهم من العمل الشاق بغباء كثيراً وأكثر عطاء ومتعة وأجدر بتحقيق سعادةالإنسان ورضائه عن نفسه وقدرته على تطوير مواهبه واختصار وقت العمل.. والعمل بذكاءيقتضى: 1- ان يلم الإنسان بالعمل الذي يقوم به بشكل كامل.. 2- أنيتابع ما يستجد في عمله من بحوث ووسائل للانتاج.. 3- أن يفكر كثيراً ويعملقليلاً.. 4- ان يُقدِّم الأهم على المهم باستمرار.. 5- وأن يعتبرالعمل وسيلة لتحقيق السعادة وراحة البال، وليس واجباً ثقيلاً وعبئاً وبيلاً ابتلاهالله به.. وما التوفيق إلا من الله عز وجل وآراءكم حولها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق