السبت، 11 أبريل 2009

المرأة و ضغوطات العمل



درجت العادة أنه من حق الرجل أن يفرغ غضبه وهمومه في المنزل, بحجة أنه متعب أو أنه يتعامل مع من يحب ولن يخسره في حال غضب أو ثار عليه بشكل غير لائق.
لكن المجتمع الآن تغير وعدد لا يستهان به من النساء أصبحن في قطاع العمل ويتعرضن لضغوط ومشكلات العمل كما يخضع لها الرجل وربما أكثر فهل في هذه الحالة من حق المرأة أن تفرغ كل همومها في المنزل وتدخل على أولادها وزوجها بوجه غاضب?.‏
الدكتورة رشا شعبان اختصاصية في الفلسفة وعلم الاجتماع ترى: أن للمرأة مهام وأدواراً مختلفة, فهي تعمل خارج المنزل وتتعرض لضغوط ومشكلات متعددة وهي أيضاً تحتضن الدور الآخر (الأم والمربية والمعلمة ومدبرة المنزل) وهناك كم كبير من الأعمال ينتظرها في المنزل إذاً إلى من تلجأ عندما تعاني من الضغط النفسي والاجتماعي وعندما تكون متعبة?.‏
في أغلب الحالات إن عبرت مثل هذه المرأة عن انفعالاتها أو بدا على تقاسيم وجهها أنها غير مرتاحة, سوف ينهال الرجل عليها بالاتهامات والمزيد من الضغوط لأنه عليها أن ترسم ابتسامة على وجهها حتى وإن كانت غير مرتاحة.‏
للأسف هذا موجود بكثرة في الواقع وفي غالبية الأسر التي فيها الرجل والمرأة يعملان خارج المنزل وهذا موجود أيضاً على اختلاف المستويات الثقافية, ومهما كانت درجة العلم أو الثقافة التي يمتلكها الزوج فإنه على الأغلب يتصرف بذكوريته في هذه المسائل.‏
وتقول: لماذا يتوجب على المرأة أن تدفع ثمن مشاركتها في الأدوار المختلفة وزيادة دخل أسرتها مع أنه في أغلب الأحيان تكون الأسرة بحاجة لهذا الدخل والمرأة هنا تساهم في النهوض بأسرتها اقتصادياً وبالتالي من المفترض أن يكون الرجل هو ملجأ المرأة حين تتعب أو تغضب كما هي ملجأ له.‏
ونلاحظ أنه في بعض الأسر إن كان الرجل متفهماً لذلك يلومه المحيطون به (الأصدقاء, الأقارب, الأهل) ويتهمونه بضعف الشخصية أمام زوجته دون الانتباه إلى قدرة الزوج على التفهم وعلى درجة موضوعيته في تفهم واستقرار أسرته.‏
وفي الواقع إن المجتمع يظلم الرجل المتفهم والمتطور والذي يتصرف بقناعاته.‏
وترى شعبان أنه من المفيد جداً أن نقدم في إعلامنا وخاصة المرئي منه نماذج حضارية في التعامل مع مثل هذه المسائل فالمرأة تتعب وتثور وتغضب كما يحدث مع الرجل, إنها مشاعر إنسانية لكلا الجنسين وبالتالي لا بد من مراعاة هذه الحقوق.‏
وهناك دور آخر يبدأ من الأسرة ذاتها إذ يجب تعليم الأولاد في المنزل صدق التعامل والتعبير عن مشاعرهم إن كانوا ذكوراً أو إناثاً.‏
من جهة أخرى طرحنا هذه الإشكالية على الاختصاصية سندس برهوم دبلوم حماية الطفل ,سألناها عن انعكاس ذلك على جو المنزل وعلى الأولاد فقالت: إنه من الضروري أن يفصل كل من الزوجين بين مشكلات العمل وهمومه وبين حياتهما الأسرية, فلا ذنب للزوجة وللأولاد أن يعيشوا في جو مشحون بالغضب والقلق بسبب ماتعرض له الأب من ضغوط في مكان عمله, وبالعكس لا يحق للمرأة أن تفرض مشكلات العمل على أجواء البيت.‏
ومن الحكمة أن يدخل الزوج على عائلته التي تنتظره بابتسامة ووجه بشوش, مهما كانت الأمور التي واجهته خلال ساعات غيابه عن المنزل, وهذا ينطبق على الزوجة أيضاً, وممكن فيما بعد أن يجلس الزوجان ويتبادلا الأحاديث والحوار الصحيح, ليفرغ كل واحد منهما همومه للآخر. وذلك هو الوضع الصحي لتعيش الأسرة حياة مستقرة ,لأن الغضب والتوتر سيخلق مزيداً من الغضب والتوتر وربما العنف وبالتأكيد إن الأجواء المشحونة بالمعاناة والضغوط ستنعكس على الأولاد وتؤثر على دراستهم وعلى علاقاتهم خارج المنزل وفيما بينهم وقد يصلون إلى مرحلة يتمنون فيها عدم وجود الأب أو الأم في المنزل, تفادياً لحدوث مشكلة.‏
وبالتالي من المهم أن يغلق باب المنزل على هموم العمل.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق