الأربعاء، 18 مارس 2009

ضغوط العمل،تكاليف غيرمحسوبه!



في استطلاع للرأي أجرته شركة "هاريس إنترأكتف" لأبحاث واستشارات السوق في نيويورك فإن 70% من العاملين في الولايات المتحدة يعتقدون أن الناس في مواقع العمل أصبحوا يتعرضون لضغط أكبر بالمقارنة مع سنوات ماضية.
وأشار التقرير إلى أن 52% من الموظفين يرون أنهم قادرون على معالجة ضغوط وظائفهم حسبما كشف مسح أجرته شركة (WFD) الاستشارية الأمريكية، كما أن 54% فقط قالوا إنهم يستطيعون المحافظة على أدائهم في أوقات التغيير. وقال 1من كل 4موظفين شملتهم الدراسة إنهم يشعرون بأنهم أنهكوا عقلياً وجسدياً بنهاية يوم العمل، وكل هذه النسب تغذي التقرير الذي يذهب إلى أن ضغوط العمل النفسية والجسمانية تكلف الشركات الأمريكية 300بليون دولار سنوياً.
ورغم اننا نعيش في مرحلة منظمات العمل المتطورة تقنياً وإدارياً إلا أن ذلك لم يمنع من وجود مشاكل عديدة تساهم في إعاقة سير العمل في تلك المنظمات بالشكل والطريقة الذي تريد.إحدى تلك المشاكل على الإطلاق التي تواجه المنظمات هي "ضغوط العمل".
وأظن أن بيئات العمل العربية تواجه ضغوطاً تختلف عن تلك الضغوط الموجودة في بيئات العمل الغربية.إحدى الاختلافات الجوهرية بيننا وبينهم هي أن ضغوطهم وإن حدثت فهي تحدث نتيجة كثرة العمل لكنها لا تحدث في الغالب نتيجة التشتت وأداء مهام الغير وتبادل الأدوار بين الموظفين بارتجالية وهو ما تعاني منه بيئات العمل العربية عموما. والحقيقة الأخرى هي أن ضغوط العمل لدينا لا تقاس كما ينبغي ولا تحسب أضرارها بالطريقة العلمية الدقيقة، تلك الطريقة التي تبرز لنا التكاليف المادية والمعنوية التي يدفعها الموظف ثمناً للضغوط، وهو ما ينعكس سلباً على أداء المنظمة وإنتاجيتها.
ومنطلق ذلك الاختلاف في التعامل مع ضغوط العمل يعود بالطبع إلى ثقافة الاهتمام بالموظف فالمنظمات الغربية تعتبر الموظف شريكاً حقيقياً في النجاح بل وتعطي ذلك المفهوم "الشراكة" حقه على أرض الواقع فارتفاع نسب الأرباح وتحقيق الأهداف المطلوبة لابد أن يعود بالفائدة المادية على الموظف. بعكس المنظمات العربية التي تحاول أخذ أكبر قدر من طاقة الموظف مقابل أقل تكلفة.
ولأن غالب المنظمات العربية لا تريد أن تطرق باب الاهتمام بضغوط العمل بسبب تكاليفه المادية أو البشرية (لو أمعنت النظر تلك المنظمات لوجدتها تكاليف مربحة في المستقبل)، فإن على الموظف أن يبادر إلى اتخاذ ما يلزم لمواجهة تلك الضغوط، من ذلك على سبيل المثال معرفة مهامه بوضوح وعدم الخروج عن ذلك الإطار إلا بتكليفات رسمية من المديرين أو القادة المسؤولين. كما يجب الاهتمام بجلسات الاسترخاء السريعة لمدة دقائق، وهي التي من شانها إعادة تكوين طاقة للجسم ينطلق منها الموظف إلى العمل بجد مرة أخرى. ومن المؤكد أن غفوة العمل "تلك التي يعتبرها البعض في منظماتنا جرماً كبيراً" تعتبر مهمة لبدء عمل مكثف لا يشعر الموظف أثناءه بإرهاق جديد. ويجب أن يهتم الموظف بإدارة أموره العائلية بشكل جيد ومتزن فهي (أي العائلة) لها تأثير مباشر في راحة الموظف وأمانه في بيئة العمل.
ورغم الوضع المحبط الذي تعيشه منظماتنا فيما يخص الاهتمام بضغوط العمل فإنه لابد لنا من التنبيه إلى أن أضرار تلك الضغوط لا تقتصر على الموظف فقط. بل تتعدى لتشمل بيئة العمل والإنتاج فيها ومن المهم هنا أن تسعى المنظمات إلى تكليف بعض من موظفيها بالتدريب والتعرف على أساليب مواجهة ضغوط العمل وكيفية تقليلها وتقليل أضرارها.
كما أن التنبه إلى حساب الأضرار المادية والإنتاجية من خلال حساب التكاليف التي تسببها تلك الضغوط يعتبر حاجة ملحة خاصة في ظل الهدر الكبير الذي تسببه تلك الضغوط وينسبه للأسف بعض المديرين والقياديين إلى تقصير الموظف دون التمحص والتعرف على مواطن الخلل الكامنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق